مدونة الحامي زهرة
الأربعاء، 30 مايو 2012
شعب يقرأ لا خوف عليه
هل
نحن شعب يقرأ باستمرار و يعتبر القراءة لذّة ؟؟
كيف
نجعل الكتاب غنما لا غرما ؟ و كيف تتحوّل القراءة عادة لا مناسبة ؟ إن ّ موضوع القراءة يتطلّب حديثا
متجدّدا على الدّوام و أن يعقد حوله الحوار باستمرار ، فالمدّ و الجزر الذي تشهده القراءة
يدعونا إلى طرح المشكلة بمناسبة و بغير مناسبة إذ لا خلاف حول أهمّية الكتاب في
نحت الشخصية . ولا خلاف حول دور القراءة في بناء الفرد عقلا وعاطفة ، الجميع متّفقون
على أنّ القراءة أسلم سبل المعرفة والاتّفاق حاصل حول ما تحقّقه من نفع و تيسّره
من تكوين ذاتيّ هامّ . الجميع
واعون بأنّ القراءة تعرف تراجعا مفزعا يشهد به الوليّ و المربّي على حدّ
السّواء وتبوح به الاستبيانات
التي تناولت المطالعة والتلميذ أقرب النّاس إلى الكتاب حتّى لكأنّ القراءة شرّ يُتجنّب و
حتّى أنّ البعض يذهب إلى القول بأنّها آفة الطفولة أو هي تكاد . يتّخذها الأولياء وسيلة
إشغال للأبناء و الحال أنّ هؤلاء يفتقرون إلى أبسط القدرات على تطوير هذه الوسيلة التي
تعذّبهم .
ثمّ
ماذا لو جعلنا الكتاب مصدر لذّة ؟ نكون قد حقّقنا أعظم مشروع إن
نحن اهتدينا الى المسالك
المؤدّية و الطّرائق المرغّبة في المطالعة . خاصّة في المرحلة الثّانية من التّعليم الأساسيّ و
المرحلة الثانويّة ولم لا في مرحلة التّعليم العالي ذلك أنّ الإقبال على الكتاب حاصل في
المرحلة الابتدائيّة فالأطفال في هذه المرحلة من التّعليم بحاجة إلى من يعترف لهم
بالجهد و الفضل . فكيف السّبيل إلى جعل القراءة نشاطا يثير شهيّة تلاميذ المدارس
الإعدادية و المعاهد الثّانويّة و الجامعات ؟ وما السبيل إلى جعل اللذّة مقصد القراءة و
الاستفادة مغنما يتوّجها ؟
لقد
كشفت نتائج الاستبيانات المنجزة حول المطالعة و التّرغيب فيها عن
عيوب بات السّكوت عنها أمرا غير
محمود العواقب . فالذين لا يقرؤون يمثّلون النّسبة الأرفع في صفوف التّلاميذ ، و الذين يقرؤون
متأفّفين لمجرّد أداء واجب ثقيل نسبتهم ما يتوقّعه أكثر النّاس تفاؤلا ، و الذين لا
يجدون إلى الكتاب سبيلا أو لا يكلّفون أنفسهم مشقّة البحث عنه هم في تزايد ينذر
بالخطر .ولنضرب على ذلك مثالا واحدا ، المكتبات المدرسيّة ، إنّها المكان الأخير
الذي يفكّر التّلميذ في ارتياده . صلته به تكاد تنعدم ، و من المؤسف جدّا أن تسمع عن
تلميذ قضّى بالمؤسّسة التّربويّة سنوات ولم يهتد إلى مكتبتها ، ولم يستفد ممّا حوته من
مراجع و إبداعات و دوريات و مجلاّت … صحيح أنّ تموقع المكتبات المدرسيّة يثير في
غالب الأحيان أكثر من تساؤل و أنّ الإشارة إلى وجودها أمر مهمل في كثير من المدارس ،
وأنّ أوقات عملها متغيّر على الدّوام متقطّع باستمرار بحكم توزّع المشرفين عليها بين
مسؤوليّات عدّة تستوجب خروجهم إلى ساحات المدارس و مكاتبها الإداريّة المختلفة .
ولنفرض
أنّ التلميذ اهتدى إلى المكتبة و أنّه وجدها مفتوحة ووجد
المشرف عليها وراء مكتبه ، فمن
يضمن له سيجد لا محالة ضالّته ؟ من ذا الذي سيرشده و يأخذ بيده و يساعده في بحثه و يدلّه إلى
غايته فيجنّبه إهدار وقت ثمين قلّما يتيسّر لأبنائنا ؟ هل من اختصاص يسمح للقائمين على
المكتبات أن يؤدّوا الدور المناط بعهدتهم ؟ هل هم من المهوسين بالكتاب المحبّين له؟ كثيرا
ما ينتهي الأمر بالتلميذ الباحث إلى الضّجر وترك المكتبة دون أن ينال مراده .
هكذا تبقى عمليّة التّعلّم دون الصّورة المأمولة طالما رافقها عزوف عن المكتبه و الكتاب
و تأفّف من القراءة ، و طالما لم تتحوّل المطالعة سلوكا يخلق اللذّة و يولّد
المتعة .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)